فلم أمريكي عن المملكة السعودية ((The Kingdom ))

الفيلم يطرح صورة أكثر حيادية للمملكة ويظهر جديتها في محاربة الإرهاب الحقيقي

أخيراً، وبعد ترقب، مشوب بالقلق الذي له ما يبرره أحياناً، وطال انتظاره، بدأ يوم الجمعة الماضي عرض فيلم The Kingdom "المملكة" في دور السينما الأميركية في طول البلاد وعرضها وحسب لقاءات سريعة مع بعض من شاهدوه، بمن فيهم مواطنون سعوديون يعيشون في الولايات المتحدة، فإن "الفيلم حاول كل جهده أن يكون حيادياً.. وهو شيء نرحب به.. فنحن لا نريد فيلماً محابياً لنا بقدر ما يكون موضوعياً على الأقل عنا"، كما قال أحد المواطنين السعوديين الذين شاهدوا الفيلم ويسكن في ولاية فرجينيا القريبة من العاصمة واشنطن.
وتدور فكرة الفيلم، التي ولدت بعد تفجيرات الخبر عام 1996م مباشرة وغذتها أحداث 11سبتمبر والغزو الأميركي للعراق، حول انفجار مروع يقع في أحد مجمعات المواطنين الغربيين العاملين في الرياض لحساب شركة نفطية أميركية، حيث يقتل ويجرح فيه العشرات. وحسب قصة الفيلم، الخيالية بالطبع، يقوم المحقق الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" رونالد فلوري (الذي يلعب دوره الممثل النجم الأسود جيمي فوكس) بتجميع فريق نخبوي سريع من أربعة أشخاص من إف بي آي، بمن فيهم هو، ويتجهون إلى المملكة بعد التنسيق مع مسؤوليها لمساعدة السلطات الأمنية السعودية على اكتشاف العقل المدبر للتفجير.

وإضافة إلى فوكس، يشارك في تمثيل الفيلم كل من الفائز بجائزة الأوسكار كريس كوبر والفائزان بجائزة غولدن غلوب الممثلة الشابة جنيفر غارنر وجيسون باتمان. وحسب الفيلم، ففور وصول الفريق الأميركي إلى قاعدة جوية في المملكة، يصطدمون "بسلطات أمنية سعودية متشككة في زيارتهم وغير مضيافة لهم بسبب اعتبارها أن أمر التحقيق في ذلك التفجير هو أمر سعودي بحت. غير أن أعضاء الفريق سرعان ما يقنعون السلطات السعودية بأن "هدفنا واحد هو القضاء على المجرمين والإرهابيين، وليس التدخل في الشؤون الداخلية السعودية". وكذلك يكتشف أعضاء الفريق بسرعة أيضاً أن السلطات السعودية "جادة ومخلصة كل الإخلاص في تحقيق الهدف نفسه، وإن بطرق مختلفة".

ويقول مخرج الفيلم، بيتر بيرغ، إنه بدأ يفكر بإنتاج هذا الفيلم مباشرة بعد رؤيته صور تفجير الخبر عام 1996م على شاشات التلفزيون، مضيفاً أن ذلك الحادث "كان عملاً إرهابياً استهدف الأميركيين وشعر بألمه المواطنون السعوديون أيضاً" ويقول إنه بدأ يفكر في إخراج فيلم "يصور كيف أن الثقافتين العربية - الأمريكية - وهما هدفان سوياً للعنف ويتشاطران مصلحة مكافحة التطرق الديني معاً - يمكن أن تتجاوزا خلافاتهما وشكوكهما واختلافاتهما السياسية في محاولة للعمل معاً شد التطرف". ويعزو بيرغ الكثير من نجاح الفيلم لصديق سعودي، لم يسمه، قال إنه ساعده كثيراً في تفهم الواقع السياسي والديني في المملكة على حقيقته، وليس كما يصور بالضرورة في وسائل الإعلام، خصوصاً المغرضة منها.

ويقول بيرغ إنه بعد "هجمات 11سبتمبر، كان هناك الكثير من المشاعر الجياشة السلبية ضد المملكة العربية السعودية، فالكثير من خاطفي الطائرات كانوا سعوديين وأسامة بن لادن كان سعودياً" لكنه أضاف أن ذلك "لم ينعكس في علاقتي مع الأصدقاء السعوديين الذين كنت أعرفهم من زمن". ويقول إنه كان يبحث عن فرصة لإظهار "العمل التعاوني بين العرب والأميركيين ضد التطرف والعنف".

ويقول بيرغ: "لم نكن نريد إخراج فيلم يكون في الأساس مسرحية سياسية، أردنا إخراج فيلم مسل وقوي ومليء بالحركة، فضلاً عن كونه منصفاً في تصوير الوضع السياسي في هذا الوقت".

وقد تمكن بيرغ من زيارة المملكة العربية السعودية لإجراء أبحاثه عن تطورات قصة الفيلم. وعن كيفية زيارته المملكة، يقول بيرغ إن ذلك "استغرق عدة جلسات مضنية" مع صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، سفير خادم الحرمين الشريفين السابق في الولايات المتحدة، الذي أراد التأكد في كل مرة "إنني أريد أن أخرج فيلماً موضوعياً عن المملكة". ويقول: "أجريت عدة لقاءات مطولة جداً مع الأمير تركي. أكدت له أنني أريد أن أنتج فيلماً منصفاً عن المملكة ما أمكنني ذلك" ويتابع: "لدي أصدقاء سعوديون، وقد عرضت عليهم الفيلم في مكان إقامتهم في لندن، وقد ردوا بصورة حسنة على ما شاهدوه".

ويقول: "كان مهماً بالنسبة لي أن أبرز شخصية العربي المعتدل، عبر شخصية العقيد فارس الغازي، الذي يبدي اهتماماً وإخلاصاً في مكافحة المتشددين الدينيين، فشخصية العقيد الغازي كانت ومن خبرتي تعبر عن شخصية المواطن السعودي كما عرفته خلال زياراتي للممكة، لأن الغالية العظمى من مواطني المملكة هم أناس معتدلون"، جدير بالذكر أن العقيد الغازي، الذي يلعب دوره الممثل الفلسطيني أشرف برهوم، الذي مثل أدواراً بارزة في فيلمي (الجنة الآن) "Oaradse Now" و"العروس السورية" "Syrian Bride" يقتل في الفيلم على يد أتباع مدير تفجير المجمع السكني الغربي الذي تدور أحداث الفيلم حوله، بعد أن يكون قد بنى علاقة إنسانية قوية مع رئيس فريق إف بي آي الأميركي.

وقد تراوحت مراجعات وسائل الإعلام الأميركية بين المنتقد والمؤيد للفيلم. أحد هذه التعليقات جاء فيه أنه لو تم عرض الفيلم في العام 2004م لربما "ساعد في انجاح المرشح الديمقراطي جون كيري على منافسه بوش حينئذ في انتخابات الرئاسة الأميركية.. لأنه يظهر كيف أن عملاً بوليسياً محترفاً وتعاوناً مع دولة عربية مهمة يمكن أن يهزم الإرهاب. ربما أظهر هذا الفيلم أن الحرب على الإرهاب لا تتم بغزو بلد آخر"، مشيراً إلى الغزو الأمريكي للعراق.

وجاء في تعليق آخر على الفيلم في جريدة هيرالد نيوز إن أحد شخصيات الفيلم، العقيد السعودي الغازي "يعرض شخصية شرق أوسطية غير مألوفة لغالبية أفلام هوليوود. فهو ليس شخصية شريرة وليس حية، بل هو رجل يؤمن باحترام القانون في وقت يحاصر فيه الإإهاب القانون".